السريع
التبرع
جميع
التبرعات
نسخ
IBAN
تحدث
معنا
×

أسر متعففة و ملهمة !

أسر متعففة و ملهمة !

نشر بتاريخ: 21/06/2023

أسر متعففة و ملهمة !

  عندما كنت في المرحلة الابتدائية ، صادقت زميلة جميلة مرحة ذكية ولماحة، مشاعرها مرهفة يملؤها الحب والسرور ، كنت أراها أنها تختلف عن أقرانها من التلميذات ، وكأنها تطوي في داخلها سراً وربما جرحاً عميقاً ، لاتريد لأحد أن يطلع عليه ، وبعد قرع جرس نهاية كل فسحة  تختفي وتتوارى عن الأنظار ، ولا ندري إلى أين تذهب، نبحث عنها فلا نجدها ، و لا أحد يعرف مكان وجودها ، فجأة تظهر وهي مرتبكة قلقة يبدو عليها الخوف ، وكثيراً ما تسألت ما الذي يجعلها في تلك الحالة الغريبة؟ وما الذي  تخفيه نحن لا نعرفه ؟وكيف تذوب فجأة وتتلاشى وكيف تظهر بعد مدة وعيونها تائهة مذعورة،؟ بذلت كثير من الجهد والعناء لكي أعرف سر ما تقوم به في كل يوم دراسي ، فهي بالتأكيد تتعصر ألما في داخلها دون تظهره لزميلاتها ، كل ما تظهره هو الرضا و الإبتسامة والفرح   ودائما تردد الحمد لله،  لقد شغلت تفكيري في داخل المدرسة وخارجها ، فبقيت أراقبها وأتتبعها لمعرفة سرها فقد كان قصدي مساعدتها، وإذا بي بعد أيام عديدة من مراقبتها أكتشفت ما لم يكن في الحسبان بتاتاً ، وجدتها تلتقط ما ترميه التلميذات من فضلات وتأكله بعد تنظيفه من الأتربة ، ولما عرفت سرها صدمت وذهلت كثيرا من تحملها كل تلك المآسي ، وتعجبت من صبرها وتصبرها على البلاء بتلك الصورة الفريدة ، فهي كانت تخفي وراء ضحكتها  قلما مكسورا وحقيبة ممزقة وحذاء باليا وملابس  باهتة ألوانها من كثرة غسلها ، لقد  ألهمتني بسبب تعففها وعصاميتها وابتسامتها البريئة وعلمتني معنى الإنسانية بكل مسمياتها الراقية، بعدها عاهدت نفسي أن أبذل كل جهدي لأضمد جراحها النازفة  حينها سألت نفسي ، لماذا لا نعمل على تحسين وضعها المعيشي ونجعلها في حال يؤمن لها حياة كريمة ؟ ، ومن ذلك الوقت كنت أفكر في انخراطي في عمل خيري تطوعي نعيل من خلاله الأسر المتعففة التي تعاني من ضيق في الدخل الشهري ، كبرت وكبرت معي هذه الأمنية الخيرة ، وأول ما سنحت لي الفرصة بجمعية مدينة عيسى الخيرية الإجتماعية التي تقدم المساعدات المادية والعينية في مختلف الأبعاد ، المعيشية والتعليمية والصحية والإنسانية ، وتعمل على رفع الحرج عن الأسر المتعففة في الأوقات المعتادة وفي أوقات الطوارىء ، بعد التعرف على الأعمال الخيرة التي تقدمها للأسر المعوزة في المنطقة ،سارعت للإنضمام إليها لتحقيق ما كنت أتمناه منذ نعومة أظفاري ، عملت مع أعضاء الإدارة والعاملات والعاملين في الجمعية كفريق واحد  لرسم البسمة على شفاه أفراد الأسر المتعففة   

إن قلوب الناس الطيبة التي تخفي آلامها وآمالها وراء ابتسامة الصبر و الرضا وشكر المنعم ،  تعلمت منهم مالم أتعلمه من غيرهم ، لا يسألون ولا يطلبون و لا يتذمرون ولا يشتكون ، و يخجلون مد أيديهم لطلب المساعدة  وناسين أننا من نحتاج إلى دعائهم ، 

نعم كانت هذه الفتاة ملهمة وشكلت منعطفًا في حياتي.