السريع
التبرع
جميع
التبرعات
نسخ
IBAN
تحدث
معنا
×

الأمثال الشعبية في الميزان

الأمثال الشعبية في الميزان

نشر بتاريخ: 03/12/2023

يعتبر العرب الشعر ((ديوانال عرب)) الذي نقل أخبارهم وتحدث عن عاداتهم وتقاليدهم وحتى عباداتهم، فإذا كان للشعر هذه الأهمية فإن الأمثال لا تقل أهمية عن الشعر فهي سجل غير مكتوب في البداية تناقلته الأجيال، وقد استعرض جميع مناحي الحياة من اجتماعية وسياسية واقتصادية ومهنية وتعليمية ودينية وصحية و قيمية.

وعليه فإن الأمثال قد حفظت للبشرية عصارة الأفكار وصاغتها بأسلوب سهل وبسيط في متناول الجميع، واصبحوا يرددونها بتلقائية و يتوارثونها جيلاً بعد جيل. والأمثال هي وليدة البيئة التي يعيش فيها الناس، فإذا كانت البيئة زراعية جاءت الأمثال متصلة بالأرض والبذور والمياه والحصاد والمواسم الزراعية، وإذا كانت البيئة صناعية ((حرفية)) أخذت الأمثال طابع المواد التي تدخل في الصناعة والقدرة على معالجتها و تحويلهاإلى أشكال جديدة، وإذا كانت بحرية حملت صفات البحر وثرواته ومعاناة الإنسان في استخراجها.

ومن المؤكد أن المثل يبقى فكرة ورأي في الحياة يملكه جميع الناس، وأن مضمونه يخص الإنسان حيثما كان. وقد تشابهت الأمثال الشعبية في المعنى وإن اختلفت في الصياغة في إقليم البحرين قديماً والممتد من جنوب البصرة وحتى عمان، وقد تأثرت الأمثال الشعبية بالأمم و الأقوام المجاورة لها، وهذه صفة ممدوحة تدل على الانفتاح والتمازج الحضاري.

وفي كثير من الأحايين تقترب الأمثال من الشعر والحكم وتستفيد من النصوص الدينية، ولأهميتها في تقريب المعاني فقد وردت في عشر مواضع في القرآن الكريم، وعلى سبيل المثال للحصر  فقد وردت في سورة العنكبوت الآية 43 ((وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)) صدق الله العلي العظيم. ولم يورد الشعر إلا في موضع واحد في سورة الشعراء الآية (224 – 227) ((وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ۗ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)) صدق الله العلي العظيم.

ولقد استهوتني الأمثال الشعبية فغصت في بحورها ودهاليزها لكي انهل منها المعاني والقيم وأكون قريباً من عاداتنا وتقاليدنا. وقد صنقتها وبوبتها إلى عدة أبواب: باب للأمثال الاجتماعية وآخر للسياسية وآخر للاقتصادية و سعيت أن أوجد للأمثال الشعبية مقاربات من الآيات القرآنية والحكم والأبيات الشعرية. وأورد لكم نماذج منها:

 

# في الجانب الاجتماعي:-

            ((ابريجه ما يطفي حريجه))

و يضرب هذا المثل عندما يقف الإنسان وحيداً لا يوجد من يدعمه ويقف إلى جانبه في بعض الأمور المستعصية عليه.

ويؤيده النص القرآني في سورة القصص (35)

((قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ)) صدق الله العلي العظيم

وتؤيده الحكمة القائلة: “من استنجد ذليلاً ذل”

وصدق الشاعر حين قال:

وكل الحادثات إذا تناهت

                                    فموصول بها فرج قريب

 

# في الجانب الاقتصادي:-

            ((إذا فاتك الفوت ما ينفع الصوت))

يضرب هذا المثل عندما يضيع الإنسان الفرص من بين يديه.

ويؤيده النص القرآني في سورة آل عمران الآية (119)

((وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)) صدق الله العلي العظيم

وتؤيده الحكمة القائلة: “إن الفرص تمر على الإنسان مر السحاب”

وصدق الشاعر حين قال:

بادر الفرصة واحذر فوتها

                                    فبلوغ العز في نيل الفرص

 

# في الجانب السياسي:-

            ((متى يستقيم الظل والعود أعوج))

يضرب هذا المثل في استقامة الأمور فإن كان أساسها صحيحاً وقاعدتها متينة.

ويؤيده النص القرآني في سورة الفرقان الآية (45)

(( أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا)) صدق الله العلي العظيم

وتؤيده الحكمة القائلة: “الاستقامة سلامة”

وصدق الشاعر حين قال:

تنزه عن مجالسة اللئام

                وألمم بالكرام بني الكرام

 

ولابد من التنويه والتنبيه بأن الأمثال ذات الآراء المختلفة تمثل في النهاية تراثاً إنسانياً يعبرعن وجهات نظر متنوعة قابلة للنقد والنقاش وذلك لأن كل إنسان له وجهة نظر خاصة تنطلق من حرية الاقتناع والاختيار حسب تجاربه ومعتقداته وموروثه الشعبي.