السريع
التبرع
جميع
التبرعات
نسخ
IBAN
تحدث
معنا
×

العمل وبناء الإنسان

العمل وبناء الإنسان

نشر بتاريخ: 15/04/2024

 

العمل وبناء الإنسان

جاءت العديد من الآيات القرنية والأحاديث  النبوية التي تخاطب الإنسان وتحثه على العمل؛ لِما للعمل من قيم عالية  في تعزيز كرامة الإنسان وتعزيز مكانته ودوره في المجتمع، وما يتركه العمل من الآثار الإيجابية على الفرد من ناحية وعلى المجتمع من ناحية أخرى، من هنا جاء التأكيد على العمل ليس لزيادة الكسب المادي أو تغطية الحاجات اليومية الضرورية للأسرة وحسب؛ بل لحاجة الإنسان الطبيعية له وإنما يتعزز دور الإنسان اجتماعيًا ونفسيًا ويأخذ الإنسان العامل دوره الإيجابي والطبيعي في المجتمع وبين أفراد أسرته  ويصبح جزءًا أساسيًا في تنمية المجتمع وتطويره.

ومن هنا انطلقت المؤسسات الأهلية والخيرية والاجتماعية لتساهم في سد بعض الثغرات الاحتياجية للمجتمع للأسر المتعففة وغير القادرة على الإنتاج بسبب ظروفها القاهرة و والخارجة عن إرادتها، ومن جانب آخر تقوم بتشجيع أفراد المجتمع على العمل وزيادة دخلها والاستفادة من الطاقات المتوفرة، وذلك من خلال  توجيه الأسر نحو الاكتفاء الذاتي دون الحاجة للمساعدات التي تقدمها الجمعية التي جاءت لسد الحاجات الأساسية والضرورية لأبناء المجتمع دون الاعتماد الكلي أو الجزئي على ما تقدمه هذه  الجمعية أو تلك وبالأخص هذه الأيام، حيث نجد العديد من الأشخاص الذين أحيلوا إلى التقاعد عن العمل ليجدوا أنفسهم أمام حاجات وطلبات أسرية لا يغطيها الراتب التقاعدي؛ مما يستدعي وبشكل جدي النظر في هذا الجانب لما له من سلبيات عديدة ومخاطر اجتماعية فهناك العديد من المهن التي يمكن لكل متقاعد أن يمتهنها دون الحاجة للاتكال على أي دعم مادي من الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإنسانية والاجتماعية، وبجانب ذلك فهي مسؤولية شرعية في حفظ الأموال ودعم الطاقات ويمكن العمل على تأسيس مشاريع جماعية مشتركة بين المتقاعدين والمجتمع في حاجة لها على سبيل المثال لا الحصر كالبرادات والمشاريع الذاتية في المنازل أو تلك المتعلقة بالصيانة وغيرها بما يتوافق وخبرة المتقاعد  وقدرته ولكن لا يمكن نجاح أي مشروع ما لم تكن هناك مبادرات ذاتيه تنطلق من الفرد أولاً.

ولنا في النبي محمد (ص) والأئمة الأطهار (ع) قدوه في حب العمل وبذل الجهد مع ما يتحملونه من مسؤوليات شرعية ودينية وسياسية واجتماعية وإنسانية وغيرها، دون الاعتماد على الحقوق الشرعية والغنائم الحربية وغيرها والتي كان النبي والأئمة الأطهار حرصهم شديد في دفعها للمحتاجين ومن ذوي الأعذار الذين لا طاقة لهم على أي عمل  بل حرصهم على ضرورة التكافل بين أفراد المجتمع فقد روي عن رسول الله (ص) ( أن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ).

ويقول الشيخ حسن الصفار (والعمل هو مضمار التنافس بين بني البشر لتحديد مكانتهم في الدنيا والآخرة ) ونقول بأن الكرامة الإنسانية لا يمكن تعزيزها إلا من خلال العمل والاعتماد على الذات وبذل الجهد دون الاعتماد على الآخر طالما يستطيع هذا الإنسان أن يقوم بما يمكن يسد حاجته المادية.

وللعمل أبعاد نفسية وجسمانية تترك أثرها على البعد المادي والنفسي للإنسان، وفي هذا السبيل يقول الإمام علي (ع) (من قصر في العمل أبتلي بالهم)

في هذا الحديث والقاعدة النفسية العالية التي يبينها الإمام علي (ع) لمدى الأثر النفسي والمعنوي للعمل على حياة الإنسان وما يتركه العمل من انطباعات نفسية إيجابية، إذ أنه عندما يمارس الإنسان عمل يرفع عنه الحاجة لمساعدات الآخرين ويعزز مكانته الاجتماعية ويرفع بها من مستواه المعيشي وما يمكن أن يتركه العمل من تأثير إيجابي بين أفراد الأسرة الواحدة.

وقوله عليه السلام في الحديث الآخر يوضح مدى الأثر المعنوي على الإنسان للعمل ( من يعمل يزدد قوة من يقصر في العمل يزدد فترة )

من هنا يؤكد الإمام علي (ع) على ألا يتوقف الإنسان عن العمل؛ لما للعمل تأثير في علاج العديد من أمراض العصر الحالي التي جاءت بسبب التراجع عن العمل وارتفاع نسبة البطالة، ومن هنا يؤكد الإمام عليه السلام  عدم الاستسلام والتراجع عن القيام بمسؤولياتنا في استغلال طاقاتنا وامكانياتنا مهما كان حجمها و ضرورة إعطاء العمل أهميه خاصة لا من أجل البعد المادي فقط ؛ إنما للبعد المعنوي والنفسي كذلك.

أخوكم

أحمد الخباز