السريع
التبرع
جميع
التبرعات
نسخ
IBAN
تحدث
معنا
×

نحن نريد دفة السفينة

نحن نريد دفة السفينة

نشر بتاريخ: 21/08/2023

لو بدأنا هذه المقالة بسؤال، من هم الشباب في ساحة العمل التطوعي؟

يعرفهم البعض على أنهم تلك الفئة التي انضمت حديثاً للعمل التطوعي، و يعرفهم آخرون على أنهم اللذين لم يسبق و شاركوا كثيراً في هذهالمجال، و قد يعرفهم البعض بفئة ذات الحماس و الإبداع، القادرين على الإنتاج و التميز، كما و يصفهم البعض بالطاقات قليلة الخبرة…

و الشباب كفئةٍ عمريةٍ متفقٍ عليها هي ما بين الكهولةِ و المراهقة، و عندما يختلط هذا التعريف بما سبق، سيكون الشباب في ميدان العمل التطوعيهم تلك الطاقات المتجددة متفاوتة الخبرة و التي تلعب دوراً هامًا في نقل العمل التطوعي من مستوى لآخر بحماسهم الذي لا ينضب، و حيويتهمالتي لا تهدأ. و لا يختلف اثنان في أهمية هذه الفئة على جميع الأصعدة

يتطلع الشباب في باحة التطوع، بما فيها من رواد و مؤسساتٍ، إلى الكثير، سأتطرق في هذا المقال لشيءٍ واحد اظنه من الأولويات التي يلاحقها الشباب و يحتاجها، و حال نيلها سيكون عطاؤهم مضاعفًا، و لكن ”بشرطها و شروطها“. نموذج السفينة و الربان خير مدخل؛ فالسفينة تحتاج لمن يقوم بإدارتها و ضمان سير رحلتها، و التصرف الصحيح في حال اعترض رحلتها أي خطر، الربان هو الشخص الموكل له هذه المهمة، و من البديهي جدًا أن لكل سفينةٍ ربان! اختيار هذا الربان لا يكون إلا عن طريق الثقة به، الثقة النابعة من معرفة، سلوك سليم، خبرة و الجاهزية المؤهلة لهذه المهمة. يتطلع الشباب اليوم لاستلام زمام الأمور في مختلف المجالات و منها مجال العمل التطوعي، هم يطمحون لإدارة المؤسسات و الارتقاء بالعمل، لترك بصمتهم و التغيير، شباب اليوم يريد دفة السفينة، سيبحر بها بعيدًا، لكن قبل كل ذلك عليه أن يعد نفسهُ ربَّانًا لها…

لو فتشنا في القرى و المدن سنرى بصمة الشباب واضحة في العمل المؤسساتي، و لو سألنا سؤال مهم جدًا، كم نسبة مشاركة الشباب في إدارة المؤسسات هذه؟ لا داعي لذكر رقم معين لكن يمكن التعبير عنها بالمتوسطة المائلة للقلة أكثر من الكثرة، لماذا؟ انه موضوع شائك، و لتناوله أنت بحاجة لعدة مقالات، و لكن أحد أسبابه المهمة هو ما نتناوله في هذا المقال و هو إعداد الكوادر العاملة -و يكفينا تسليط الضوء عليه- . 

قد يتساءل البعض الآن هل من المهم إدارة الشباب للمؤسسات؟ دعهم يعملون و يبدعون تحت رقابة ذوي الخبرة.. هذه نظرة قاصرة، فكرة إنخراط الشباب في إدارات المؤسسات هو ليكونوا مؤهلين لاستلامها و إدارتها بمفردهم بما لديهم من خبرة مكتسبة من ذوي الخبرة، و لو أردت مثال مبسط،فمن يدير المؤسسة الآن كشخص يعلم كيف يستخرج الماء من بئر و يجلبه للبقية، تخيل أنه فارق الحياة وليس هناك من يعلم أين و كيف يتم جلب الماء؟!  لو علّم واحد فقد هيّأ هذا ليكون مكانه يومًا، و هكذا…

الإعداد هو لب التطور، يحتاج ميدان العمل التطوعي اليوم لمثل هذا الإعداد على مستوى الكوادر و جني ثماره مستقبلاً، إعداد الكوادر العاملة هو أهم استثمارٍ تقوم به أي مؤسسة، عائلة، مجتمع أو حتى دولة لضمان استمرار العمل و ترقيته للأفضل، و هذه سنة الحياة، فالأب يدير أمور المنزل حتى يتوفى، فيليه الابن، سيتزوج الابن و سينجب ابناً آخر، و هكذا، إن لم يتم تهيئة الابن لإدارة المنزل بعد والده فلك أن تتخيل ما سيجري…

كيف يتم إعداد الشباب لإدارة مؤسسات العمل التطوعي الخيرية؟ تلعب المؤسسات دوراً مهمًا، الأفراد، و الشباب أنفسهم في مهمةالاعداد، و على كل من هؤلاء أن يساهم في اعداد الكوادر بما يسعه من وقتٍ و جهدٍ.

الفرد الذي في يومٍ ما كان يترأس لجنة\مؤسسة\عمل تطوعي، أو حتى من شارك في فعالياتٍ متعددة، يمكنه أن يخصص من وقته لورشة عمل\محاضرة من ٤٠ دقيقة يطرح فيها تجربته و أهم النصائح المتبلورة بعد كل ما خاضه، و ينقل هذه التجارب و النصائح تجعل الشاب في يومٍ ما جاهز لاتخاذ قرار مبني على مطالعة، و توقع سليم إلى النتائج و التبعات، و هي مهمة الفرد في الإعداد.

أما بالنسبة للشاب نفسه، فمهمته هي الإقبال على مثل هذه الورش و الانتفاع بها قدر الإمكان، أخذ الخبرة من الأكبر سناً يزيد في الحكمة لديه، ليس عيباً على الإطلاق، خبرتهم نتاج تجارب و سنين عمل، و نقلها له في وقت مبكر يعني أنه ستتجنب كل ما وقعوا فيه من أخطاء، وسيحسن ذلك الإنتاجية لديه. على الشباب أيضًا الإقبال على المشاركة في الفعاليات و البرامج، بالإضافة إلى الدخول في تنظيمها و إعدادها ليكسبوا خبرتهم الخاصة من تجاربهم الشخصية.

و أما المؤسسات، فلم لا يكون هناك برنامج تضعه كل مؤسسة كما تريد، وظيفته الأساسية هي إعداد الكوادر؟ تتضمن ورش عمل\محاضرات\دورات\غيرها… بحيث أن يحضى الشاب بعناية، و يعطى مساحة ليفكر في فعالية و يديرها، مساحة ليساعد في إدارة بعض لجان المؤسسة بما لا يضر بعمل المؤسسة، لو افترضنا أن لمؤسسةٍ ما ١٠ أعضاء، و قد قمت هذه السنة بإعداد برنامج يهيأ ١٠ آخرين من الشباب، ثم إعداد آخرين في السنة القادمة و صقل السابقين بجعلهم يدخلون في مجلس الإدارة، فبعد ٥-١٠ سنين، كم عدد الكوادر المؤهلة لإدارة المؤسسات في قريةٍ ما ؟

و لو فرضت فشل البعض، و عدم استمرارية البعض، فما زلت تمتلك كمية ليست بقليلة و كلها مؤهلة للإدارة، لاحقًا لن تقلق؛ هؤلاء سيقومون بنفس الدور و ربما بفاعلية أكثر حتى…

لو نجحنا كأفراد و شباب و أيضًا كمؤسسات في إعداد برامج تصنع كوادر مؤهلين مستقبلاً لتولي زمام الأمور ومن -الأليف لين الياء-، فليس هناك نجاح يوازي هذا النجاح، سنضمن استمرارية هذا العطاء، و حتمًا تطوره مع الوقت، الشباب بطاقاتهم قادرين على ما يظنه البعض صعباً مستحيلاً…